النيازك أجرام باردة لا حرارة فيها لأنّها قطع أرضيّة وتسمّى أيضاً "الأحجار السماويّة" ، وهي مختلفة في الأحجام ، فمنها بقدر الجبل وبعضها أكبر وأصغر ، وأصغرها يكون بقدر نصف متر مربّع . وهي مجذوبة للأرض كالقمر لأنّها أجرام باردة والأرض جرم ساخن ، وكذلك كلّ سيّار له نيازك مجذوبات له ، ويختلف بعدها عن الأرض على اختلاف أحجامِها ؛ فالصغير منها بكون قريباً إلى الأرض ، والكبير يكون بعيداً عنها ، وذلك على منهج القوّة الجاذبة والدافعة .

والنيازك تدور مع الأرض من اليمين إلى الشمال كما يدور القمر ، وأصل النيازك بقايا سيّارات تمزّقت في قديم الزمان بعد أن قامت قيامتها ، ويكثر فيها وجود الفلزات كالحديد والرصاص والكروم والنيكل والبلاتين وغير ذلك ، وبعض الأحيان يسقط منها في أوربا وغيرها من الأقطار فيجدون فيها من هذه المعادن .

ومن طريف ما يُروى أنّه سقط في سنة 1620 م في البنجاب حجر جوّي عمل من حديده الإمبراطور (جهانكير) سيفاً كانت العامّة تدعوه "سيف الصاعقة" .

ويوجد في المتحف الأمريكي بنيويورك [ المعروف بمتحف التاريخ الطبيعي ] نيزك يزن 36 طناً ونصف طنّ ، وحجمه 385 قدماً مكعباً .

وسقط نيزك سنة 1908 في جهات سيبريا قرب (فنوفارا) كبير جداً ويقدّر وزنه بأكثر من 136 طناً .

ويُقدّر ما ينزل من رماد وحجارة النيازك على الأرض أكثر من أربعين ألف طنّ في كلّ يوم .

وجاء في مجلّة الهلال – العدد 295 لسنة 1975 صحيفة 49 تحت عنوان (الهنود والإسبان) : " سمع الرحّالة الإسبان الأوائل من الهنود الذين يعيشون في شمال الأرجنتين يتحدّثون عن كتل من الحديد سقطت من السماء في (حقول السماء) كما كانوا يطلقون عليها في ذلك الوقت . وفي الحال تكوّنت بعثات فيما بين الأعوام 1774 و1776 لفحصِها على أمل أن يعثروا فيها على كميّات من الفضّة مثل تلك التي عثروا عليها في بيرو من قبل . ودلّت العيِّنات التي عادوا بِها على أنّها من الحديد الخالص .

ولكنّ المغامرين الإسبان لم يقنعوا بِما اكتشفوه فأرسَلوا بعثات أخرى للتنقيب على أمل العثور على مناجم من الحديد .وعهِد بِهذا العمل إلى الضابط ميجيل روبين دي سليس من البحريّة الإسبانيّة الملكيّة فواصَلَ عمليّات التنقيب والحفر ، ولكنّ الرمال التي تراكمت أخفَتْ تحتَها كتلة أخرى زنتُها 15 طناً ولم يُعثَر عليها بعد ذلك .وأخيراً وفي عام 1803 عُثِر على كتلة أخرى في نفس المنطقة زِنَتُها طنّ واحد ، اقتنعَ العلماء بِأنّها من النيازك التي سقطت على الأرض فأرسَلوها إلى المتحف البريطاني بِلندن ."

وقد سقط نيزك في العراق قرب مدينة كركوك فتحطّم يبلغ وزنه 35 كيلو، وذلك في 20 من شهر آب سنة 1977 ميلاديّة ، وكان سقوطه نهاراً ولونه رمادي فيه تبلور ، وقد نقلوا أحجاره إلى المتحف .

والخلاصة أنّ النيازك كانت أراضي مسكونة وفيها نبات وحيوان وإنسان كما في أرضنا وكانت مجذوبة للشمس التي تمزّقت وتدور حولَها، ولَمّا تشقّقت تلك الشمس تَمزّقت سيّاراتُها معها فصارت نيازك .

وكذلك أرضنا إذا قامت قيامتها فإنّها تتمزّق وتكون نيازك ، والنيازك يأتي ذكرها في القرآن بلفظة "جبال" وسيأتي شرحها في ذكر الجبال . قال الله تعالى في سورة هود {فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ . مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ} فالحجارة هنا يريد بِها النيازك . وقال عزّ من قائل في سورة سبأ {إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَو نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِّنَ السَّمَاء ..إلخ } والمعنى : إن نشأ نسقِطْ عليهم نيازك من الفضاء لأنّ الكِسَف معناها القِطع ، ويريد بِها النيازك . وقال تعالى في سورة الطور{وَإِن يَرَوْا كِسْفًا مِّنَ السَّمَاء سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَّرْكُومٌ} فالكِسَف يريد بِها النيازك . وقال تعالى في سورة الحديد {وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ ..إلخ } فالحديد الذي ذكره هنا أنزله في النيازك . وقال تعالى في سورة النمل{وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ} فالجبال هنا يريد بِها النيازك ، والدليل على ذلك تشبيهها بالسحاب لأنّ النيازك تسير فوقنا كالسحاب ، وذلك مِن إتقانِه لِمصنوعاتِه ومخلوقاتِه فهو الذي أتقنَ كلّ شيء . وكذلك الجبال التي على الأرض تسير مع الأرض في الفضاء حول الشمس وتدور الأرض بِما فيها من جبال حول نفسِها ولا نشعر بِها بل نحسبُها ثابتة جامدة في مكانِها .



س 31 : كيف تسير هذه الأجرام في الفضاء ولا تسقط على الأرض ؟

ج : كما لم يسقط القمر ؛ وذلك لأنّ الأرض فيها قوّة جاذبة بسبب الحرارة التي في جوفِها ، وفيها قوّة دافعة بسبب دورانِها حول نفسِها .



س 32 : إذا كانت هذه الأجرام موجودة في الفضاء فكيف لا نراها وقد قال تعالى{وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً } ؟

ج : لأنّها أجرام صغيرة ، وقد نرى بعضَها يضيء في الليل إلاّ أنّنا نظنّها نجوماً ، وأمّا كلمة {تَرَى} فمأخوذة من الرأي ومعناه العلم وليس معناها النظر وذلك كقوله تعالى في سورة الفيل {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ}



س 33 : أليست الأرض غنيّة بخامات الحديد ، فلماذا مَنّ سبحانه علينا بالحديد الساقط مع النيازك وهو قليل بالنسبة لِخامات الحديد الموجودة على وجه الأرض ، وذلك كقوله تعالى{وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} ؟

ج : إنّ الموجود على الأرض هو خامات الحديد وليس فيه حديد طلق ، وأمّا الذي في النيازك فهو حديد طلق وليس بخامات وإنّ الناس كانوا لا يعرفون تصفية الحديد من خاماته فلذلك كانوا يأخذون الحديد الساقط من النيازك ويعملون منه آلات حديدية كالسكاكين والفؤوس والمناشير وغير ذلك .

وإنّما لا يوجد الحديد حراً على الأرض لأنّه يتأكسد بواسطة الأوكسجين الموجود في الهواء وأمّا الذي في النيازك فلا يتأكسد لأنّ الأوكسجين هناك قليل .





نيزك ميركسن

إضغط هنا ↓ لترى عدّة صور لهذا النيزك

http://rst.gsfc.nasa.gov/Sect20/A12a.html

http://science.nasa.gov/headlines/y2001/ast20dec_1.htm

http://en.wikipedia.org/wiki/Murchison_meteorite

ذكرت مجلّة (العلم والحياة) في عددِها الثاني عشر ، السنة الثالثة ، آذار سنة 1971 ما يلي : " في أيلول عام 1969 سقط نيزك في أستراليا عند مدينة ميركسن ، وقد قام بدراسة شظايا هذا النيزك فريق من علماء الوكالة الوطنيّة للملاحة .. وقد تمكّن هؤلاء العلماء باستعمال طرق تحليلية دقيقة من العثور في هذا النيزك على ستّة عشر حامضاً أمينياً ، وهي المكوّنات الأساسيّة لبروتينات الحياة . ولقد كان خمسة فقط منها من الأنواع المعروفة (وعددها عشرون) الموجودة في أجسام أحياء الأرض . ووجدوا كذلك على هذا النيزك مواد عضوية (هايدروكاربونيّة) من النوع الموجود على سطح الأرض .

ولقد كان لِهذا الاكتشاف أهميّة كبيرة لا من حيث كون هذه الحادثة هي الأولى من نوعِها التي يكتشف فيها حوامض أمينية على نيازك أو اكتشاف بكتريا متحجّرة ، بل من حيث كونِها الحالة الأولى التي يؤكَّد فيها أنّ مصدر هذه الموادّ هو(خارج) الأرض ولم تنشأ نتيجةً للتلوّث بِمواد أرضية لِلأسباب الآتية :

1. استبعاد مصدر هذه الحوامض الأمينية من التلوّث بِمواد أرضيّة ، بسبب كون بعض هذه الحوامض الأمينية ليس لَها نظير على سطح الأرض .

2. إنّ نسبة الكاربون 130 في نيزك ميركسن هي كنسبته في نيازك أخرى وتختلِف هذه النسبة اختلافاً كبيراً عن نسبة هذا الكاربون في الحياة الأرضيّة .

3. إنّ التحليل الضوئي (الطيفي) لأحد مجاميع المركّبات الهايدروكاربونيّة الموجودة على نيزك ميركسن تختلف اختلافاً كبيراً عن طبيعة ما يقابلُها على سطح الأرض . وقد خلص العلماء للأسباب أعلاه إلى أنّ الموادّ المكتَشَفة على نيزك ميركسن هي غير أرضيّة ، وإنّ (الحوامض الأمينيّة والهايدروكاربونات) نشأت في مكانٍ خارج الأرض . إنّ اكتشاف حوامض أمينيّة في أجرام صغيرة كنيزك ميركسن فتح لَنا صفحة جديدة من احتمال وجود موادّ عضويّة كهذه أو أكثر تعقيداً منها ، أو وجود موادّ حيّة في أجرامٍ أكبر كسيّار المرّيخ والزهرة ." انتهى .

منقول من كتاب الكون والقرآن
ل(محمد علي حسن الحلي ) رحمه الله تعالى
الموضوع موجود على هذا الرابط http://www.quran-ayat.com/kown/2.htm#النيازك_